الصفحة الرئيسية
>
قــصـــة
ابن عباس والخوارج
لما اعتزل بعض أصحاب علي رضي الله عنه عليا، وخذلوه في نزاعه مع معاوية رضي الله عنهما. . .
قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما:
ائذن لي يا أمير المؤمنين، أن آتي القوم وأكلمهم .
فقال أمير المؤمنين علي: إني أتخوف عليك منهم.
قال: كلا إن شاء الله .
فجائهم فلم ير قوماً قط أشد اجتهاداً منهم في العبادة.
فقالوا: مرحبا بك يا بن عباس .. ما جاء بك?
قال: جئت أحدثكم.
فقال بعضهم: لا تحدثوه .
وقال بعضهم: قل نسمع منك.
قال:أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله وزوج ابنته وأول من آمن به؟
قالوا: ننقم عليه ثلاثة أمور.
قال: وما هي؟
قالوا:
أولها: أنَّهُ حَكَّم الرجال في دين الله.
وثانيها: أنَّهُ قاتل عائشة ومعاوية ولم يأخذ غنائم ولا سبايا ..
وثالثها: أنَّه محا عن نفسه لقب أمير المؤمنين.
قال: أرأيتم إن أسمعتكم من كتاب الله وحدَّثتكم من حديث رسول الله ما لا تنكرونه أفترجعون عمَّا أنتم فيه؟
قالوا: نعم.
قال: أما قولكم إنه حكَّم الرجال في دين الله فالله سبحانه وتعالى يقول:
يا أيها الذين آمنوا لا تقتلوا الصيد وأنتم حرم، ومن قتله منكم متعمداً فجزاء مثل ما قتل من النعم يحكم به ذوا عدل منكم.
أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحقُّ أم حكمهم في أرنب ثمنها ربع درهم؟
قالوا: بل في حقن دماء المسلمين وصلاح ذات بينهم.
فقال: أخرجنا من هذه؟
قالوا: اللهم نعم.
قال:
وأما قولكم: إن عليَّاً قاتل ولم يسب كما سبى رسول الله. أفكنتم تريدون أن تسبوا أمَّكُم عائشة وتستحلونها كما تستحل السبايا؟
فإن قلتم: نعم فقد كفرتم.
وإن قلتم: إنها ليست بأمكم كفرتم أيضاً فالله سبحانه وتعالى يقول :"النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم، وأزواجه أمهاتهم" فاختاروا لأنفسكم ما شئتم.
ثم قال: أخرجنا من هذه أيضاً؟
قالوا: اللهم نعم.
قال: وأما قولكم، إن عليّاً قد محا عن نفسه لقب إمرة المؤمنين فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم حين طلب من المشركين يوم الحديبية أن يكتبوا في الصلح الذي عقده معهم "هذا ما قاضى عليه محمد رسول الله" .
قالوا: لو كنا نؤمن أنك رسول الله ما صددناك عن البيت ولا قاتلناك، ولكن اكتب: "محمد بن عبدالله"، فنزل عند طلبهم وهو يقول "والله إني لرسول الله وإن كذبتموني" فهل خرجنا من هذه ؟
فقالوا: اللهم نعم.
فعاد منهم ما يقارب العشرون ألفاً .
المزيد |